قصفت إسرائيل منزل عائلتي في غزة دون تحذير، مما أدى إلى مقتلهم أثناء نومهم
ينعي المصور الفلسطيني محمد العلول جثمان ابنه الذي قُتل في غارة إسرائيلية على مخيم اللاجئين المغازي في وسط قطاع غزة، في مستشفى القدس بنفس المدينة في 5 نوفمبر 2023 (وكالة الأنباء الفرنسية ).
أنا صحفي مصور. وُلدت في فبراير 1987، تزوجت عام 2009، ورُزقت بابني البكر، أحمد، في العام التالي. تبعه عدة أطفال آخرين: رهف في 2012، كنعان في 2017 وقيس في 2019. الحمد لله، رُزقت بآدم في نوفمبر 2022؛ وهو الوحيد الذي نجا.
ذهبت إلى الجامعة وتبعت حلمي لأصبح صحفيًا. ارتديت السترة وقمت بالتغطية الميدانية، تغطية الحروب ومسيرات العودة الكبرى. لكنني لم أكن لأتخيل ما سيحدث في الحرب الحالية.
لم أكن لأتخيل، حتى في أسوأ كوابيسي، أن يُقصف بيتي؛ أن أفقد إخوتي الصغار، أختي، أطفالي، أبناء أخوتي – جميعهم، فقط هكذا.
كنا نتشارك الأحلام والذكريات. في لحظة، مات البيت بأكمله.
تم استهداف منزلي وعائلتي دون أي تحذير أو رحمة. تم قصف منزلنا بشدة.
عندما حدث هذا، كنت في العمل. يبقيني عملي بعيدًا عن المنزل لأيام في بعض الأحيان، وعندما أكون في المنزل، أكون مرهقًا بشكل عام – لكن على الأقل كان هناك دائمًا راحة البال بوجود أطفالي وأبناء أخوتي حولي.
كانوا دائمًا يتوسلون إلي أن أحترس أثناء أداء واجبي وألا أتخذ أي مخاطر. لكنهم كانوا نائمين بسلام في أمان منزلهم عندما تم قصفهم وقتلهم.
أخبار توقف القلب
لسنوات، كنت أذهب للعمل، معرضًا حياتي للخطر لألتقط الصور وأنقل الأخبار، حتى أتمكن من إطعام أطفالي. اليوم، لم يتبق لي شيء – تم تدمير منزلي وعائلتي. لا أستطيع وصف الألم في قلبي؛ لا توجد كلمات. أشعر بالكسر. قلبي مكسور، ظهري مكسور. الحمد لله على ما تبقى.
بينما كان منزلي يتعرض للقصف، كنت أجري مقابلات مع الصحفيين في مستشفى الناصر وأناقش المخاطر المتزايدة للعمل في غزة. لم أكن قد انتهيت عندما تلقيت مكالمة من صديق، سألني: ‘محمد، أين أنت؟
قلت له إنني كنت في العمل بالميدان. ثم أخبرني أن المنطقة بالقرب من منزلي تتعرض للقصف. توقف قلبي. اتصلت بسرعة بزوجتي وإخوتي وأفراد عائلتي الآخرين، لكن لم يجب أحد. لم يكن هناك إنترنت، لا شيء يمكن أن يربطني بعائلتي.
في أعماق قلبي، كنت أعرف أن أحمد ليس بخير؛ شعرت بابني يموت.
بدأت بالاتصال بالجيران والأصدقاء، الذين أخبروني أنهم كانوا يتناولون العشاء مع إخوتي. شكرت الله، لكن في لحظات، تم قصف الحي وتحول إلى أنقاض.
فقدت عقلي؛ لم أعرف ماذا أفعل. اتصلت بزملائي، الذين حاولوا طمأنتي، قائلين إن زوجتي بخير، وابني آدم بخير، وابنة أخي ليان بخير.
ثم بدأت أتلقى صور أفراد عائلتي المتوفين. الأولى كانت لابني قيس. وتبعتها صور أخرى.
اتصلت بالمستشفى المحلي، وأخبروني أن ابني البكر، أحمد، كان في طريقه إلى غرفة الطوارئ وسيكون بخير. لكن في أعماق قلبي، كنت أعرف أن أحمد ليس بخير؛ شعرت بابني يموت.
أصبحت القصة
كنت مصدومًا لرؤية قائمة أفراد عائلتي الذين قتلوا: عاطف، كمال، أحمد، سجود ورزان، وكانت الأخيرتان لا تزالان تحت أنقاض منزلهما. كان علي أن أحفر بيدي لإخراجهما. دفنتهما بعد أن دفنت إخوتي وأخواتي.
محمد وجمال، أطفال إخوتي، وأطفالي: ابني أحمد، ابنتي الوحيدة رهف، كنعان وقيس، بالإضافة إلى العديد من الأصدقاء والجيران الذين عرفتهم طوال حياتي. الله أعطى والله أخذ.
في أعقاب مثل هذه المأساة، فقدت شغفي بالحياة. لم يتبق لي سوى الذكريات المؤلمة – وصدى مؤثر لأطفالي يتوسلون إلي أن أتوقف عن العمل حتى أكون آمنًا في المنزل معهم. ابني كنعان هو آخر شخص رأيته، وقال لي: ‘أتمنى لو تترك عملك وتبقى هنا معنا، يا بابا.’
كنت أغطي القصص وأبكي من أجل أطفال الآخرين. كنت أنقل القصة، والآن أصبحت القصة.
أناشد كل مسؤول، والأمم المتحدة، وجميع أصحاب الضمائر، أن يتحلوا بالرحمة – أن يشعروا بمعاناتنا وألمنا. أدعو جميع المؤسسات والسفارات إلى اتخاذ إجراء فوري لإنقاذنا.
ماذا فعل أطفالي ليستحقوا الموت بهذه الطريقة؟ ماذا فعل إخوتي وأبناء أخوتي؟ أي جريمة ارتكبوها ليستحقوا الموت بهذه الطريقة – ليتم قصفهم في منازلهم أثناء نومهم؟ ماذا فعلت لأستحق ألم البحث عن عائلتي تحت الأنقاض؟
أين المجتمع الدولي، ومنظمات حقوق الإنسان، والحكومات الكبرى؟
هذه جرائم حرب. إسرائيل تقتل الصحفيين وعائلاتهم، آملة في كسرنا ومنعنا من الاستمرار في نقل الحقيقة. وأنا محطم. لم يتبق لي شيء في غزة.
الآراء المعبر عنها في هذه المقالة تعود للكاتب ولا تعكس بالضرورة سياسة تحرير ‘عين الشرق الأوسط‘.
محمد العلول هو مصور وصانع أفلام، يعيش في غزة.
ترجم من طرف وكالة الحوض للانبائ
المصدر= https://www.middleeasteye.net/