لماذا لا تطبق موريتانيا مبدأ “الخلوة الشرعية” للمسجونين ما دامت دولة إسلامية ومالكية؟ - وكالة الحوض للأنباء
  • الرئيسية
  • آخر الأخبار
  • لماذا لا تطبق موريتانيا مبدأ “الخلوة الشرعية” للمسجونين ما دامت دولة إسلامية ومالكية؟

لماذا لا تطبق موريتانيا مبدأ “الخلوة الشرعية” للمسجونين ما دامت دولة إسلامية ومالكية؟

تُعتبر قضية الحقوق الزوجية للمسجونين من الموضوعات التي تجمع بين الفقه، والعدالة، والإنسانية. ويبرز في هذا السياق فقه الإمام مالك بن أنس — إمام دار الهجرة — الذي قدّم من خلال مذهبه ...
Image

تُعتبر قضية الحقوق الزوجية للمسجونين من الموضوعات التي تجمع بين الفقه، والعدالة، والإنسانية. ويبرز في هذا السياق فقه الإمام مالك بن أنس — إمام دار الهجرة — الذي قدّم من خلال مذهبه رؤية متوازنة بين النص والمصلحة، تُراعي كرامة الإنسان وحقوقه حتى في حال سجنه.
فمن فقه الإمام مالك في باب الحقوق الزوجية والضرر يمكن استنباط أن حرمان المسجون من أهله دون مبرر شرعي أو إنساني طويل الأمد يُعد ضررًا، ويجب على ولي الأمر أن يقدّر فيه الأصلح.
ومن هذا الأصل الشرعي، انطلقت فكرة ما يُعرف اليوم بـ “الزيارة الشرعية” أو “الخلوة الشرعية” للمساجين، استنادًا إلى مقاصد حفظ الأسرة والستر وصيانة العرض، وهي من أهم مقاصد الشريعة الإسلامية.

مبدأ الخلوة الشرعية بين التطبيق الغربي والأصل الإسلامي

بعض الدول الغربية والإسلامية تطبّق اليوم مبدأ “الزيارة الزوجية” أو “الخلوة الشرعية” للسجناء، غير أن الغرب لم يبتكر هذا المبدأ من فراغ، بل استلهمه من الفكر الإسلامي الذي سبق في تقريره في الفقه المالكي.
فبعد أن ظهر هذا المبدأ في الإسلام في إطارٍ فقهي وإنساني متكامل في الفقه المالكي، قام الغرب بنسخه في تشريعاته الحديثة من الجانب الإنساني والاجتماعي، مع اعتراف عدد من الباحثين الغربيين بأن بعض أسسه مستنبطة من الفقه المالكي الذي أولى الأسرة مكانة مركزية في مقاصد الشريعة.

أولاً: في الدول الغربية

تسمح دول مثل فرنسا، كندا، الولايات المتحدة، إسبانيا، وألمانيا بما يُعرف بـ “الزيارات العائلية الخاصة” ، وهي لقاءات منظمة داخل السجون للمتزوجين، تهدف إلى الحفاظ على الروابط الأسرية والحد من الانحرافات داخل السجون، في إطار احترام الكرامة الإنسانية دون أي بعد ديني.

ثانياً: في الدول الإسلامية

اعتمدت بعض الدول الإسلامية — مثل المملكة العربية السعودية، مصر، المغرب، اليمن، والأردن — مبدأ “الخلوة الشرعية” في سجونها، وهو نظام يتيح للزوجين اللقاء في غرف مهيأة ومؤمنة داخل السجون، في إطار يحفظ الكرامة ويصون الخصوصية.
ويستند هذا التنظيم إلى اجتهاد فقهي مالكي ومعاصر يربط بين:

  • حفظ العرض والنسل،
  • منع الفاحشة والانحراف،
  • ورفع الضرر عن الزوجين.

وبذلك، تعيد هذه الدول تطبيق مبدأ إسلامي أصيل، انسجامًا مع روح الشريعة ومقاصدها.

ثالثاً: الفكر الإسلامي هو الأصل

لقد سبق الإسلام التشريعات الحديثة في تقرير مبدأ الزيارة الزوجية للسجين، حين اعتبر أن الزواج لا يبطل بالسجن، وأن الضرر المترتب على حرمان الزوجين من حقوقهما يجب رفعه ما أمكن.
وهذا ما قرّره الإمام مالك، حين جعل من المصلحة ورفع الضرر قاعدةً للتشريع.
ومن هنا يمكن القول إن الغرب لم يبتكر فكرة الخلوة الزوجية، بل استعارها من الفقه الإسلامي، خصوصًا المالكي، بعد أن أعاد صياغتها في إطار حقوقي وإنساني.

دعوة لإحياء الفقه المالكي في الواقع الموريتاني

إذا كان الغرب اليوم يُطبّق مبدأً فقهيًا مالكيًا في جوهره، فالأَولى أن تكون موريتانيا — وهي دولة إسلامية ومالكية المذهب — في مقدمة من يفعّله، لأنه نابع من تراثها الفقهي الأصيل.
لذلك، أدعو السلطات الموريتانية إلى إعادة النظر في هذا الموضوع وتطبيقه عاجلاً، حتى يكون تشريعنا منسجمًا مع مقاصد الفقه المالكي، فلا يسبقنا غيرنا إلى ما أقرّه فقهنا منذ قرون في مجال العدالة، والرحمة، وحفظ الأسرة.

بقلم المهندس الحاج سيدي ابراهيم سيدي يحي

 اقرأ المزيد على الرابط https://www.elhodh.info/               


شائع

اترك تعليقك