قدمت دراسة حديثة ممولة من ألمانيا رؤية معمقة عن طبيعة الجيش الموريتاني، واصفة إياه بأنه مؤسسة “شديدة التسييس”، تؤدي دوراً فاعلاً في تحديد ملامح السياسة المدنية داخل البلاد. أجريت الدراسة في إطار مشروع “التوجهات الكبرى في إفريقيا” الذي تابع الملف لما يقارب أربع سنوات، من 2021 إلى 2025، وصدرت نتائجها في مايو 2025.
محورية الجيش في المشهد السياسي
تؤكد الدراسة أن الجيش الموريتاني ليس مجرد مؤسسة عسكرية تقليدية تؤدي مهامها الدفاعية، بل يحتل موقعاً مركزياً في صنع القرار السياسي، حيث يتداخل نفوذه بشكل واضح مع السلطة المدنية. وتشير النتائج إلى أن الجيش يستخدم نفوذه بشكل مباشر أو غير مباشر للهيمنة على المشهد السياسي، مما يحد من فرص تطور مؤسسات ديمقراطية قوية.
عوامل التسييس والتركيبة الإقليمية
تسلط الدراسة الضوء أيضاً على التسييس القوي داخل صفوف الجيش، مع التركيز على انتماءات جهوية مثل شرق موريتانيا وشمالها، خصوصاً “البيضان”. وأفادت الدراسة أن الضباط الذين تم ترقيتهم مؤخراً يتحدرون في الغالب من هذه المناطق، ما يعمّق الفجوة بين الجيش والمجتمع المدني.
دور الدعم الأوروبي والتحديات المستقبلية
نبهت الدراسة إلى دور الدعم الأوروبي، وبالتحديد الدعم الألماني، في تعزيز قدرات الجيش الموريتاني. رغم أن هذا الدعم يهدف إلى تعزيز الاستقرار الأمني، إلا أنه قد يؤدي إلى تثبيت النفوذ العسكري على حساب السياسة المدنية، وربما يخلق بيئة مواتية لظهور قوى عسكرية جديدة تسعى للسيطرة أو تعيد البلاد إلى حقبة الانقلابات العسكرية.
تحذيرات من المستقبل السياسي
تشير الدراسة إلى احتمال تحول الجيش إلى لاعب أكثر فاعلية عند حدوث أي أزمة سياسية، مع تنامي دور الضباط المدعومين من الخارج. وتدعو الدراسة إلى ضرورة مراجعة شاملة لسياسات الدعم الخارجي، بما يضمن تقوية المؤسسات المدنية ودعم الديمقراطية في موريتانيا. تغطي هذه الدراسة بعدها السياسي والعسكري والاجتماعي بعمق، وتفتح نقاشاً واسعاً حول المستقبل السياسي لموريتانيا ودور الجيش فيه، مسلطة الضوء على أهمية إيجاد توازن حقيقي بين القوى المدنية والعسكرية لضمان استقرار البلاد ونموها الديمقراطي.
:اقرأ المزيد على الرابط: https://www.elhodh.info/


















