وكالة الحوض للأنباء – نواكشوط – الأربعاء 1 أكتوبر 2025 الموافق 9 ربيع الآخر 1447 هـ – 18:30 -/-
تشهد مدن مغربية عدة منذ أيام موجة من المظاهرات غير المسبوقة، يقودها أساساً شباب ينتمون إلى جيل “زد-212″، الذي يستخدم وسائل التواصل الاجتماعي كمنصة للتعبئة والتنظيم. هذه الحركة الاحتجاجية، التي انطلقت بمطالب اجتماعية ملحّة، سرعان ما تحولت إلى احتجاجات واسعة تخللتها مواجهات عنيفة وأعمال تخريب، ما فتح باب الأسئلة حول طبيعة هذه الهبّة، وأفقها، ومدى تجاوب الدولة معها.
جذور الاحتجاج: مطالب اجتماعية ومعيشية
المتظاهرون رفعوا شعارات تطالب بتحسين قطاعي التعليم والصحة، ومحاربة الفساد، والحد من التفاوتات الاجتماعية. ويعتبر كثيرون أن الشرارة المباشرة لهذه الموجة كان حادث وفاة نساء في أحد مستشفيات مدينة أغادير، وهو ما اعتُبر دليلاً صارخاً على هشاشة المنظومة الصحية.
كما عبّر المحتجون عن رفضهم لما وصفوه بـ”الأولويات المغلوطة”، حيث يتم الاستثمار بكثافة في مشاريع رياضية وبنى تحتية مرتبطة باستضافة كأس العالم 2030، في وقت يعيش فيه المواطن المغربي يومياً معاناة نقص الخدمات الأساسية.
المواجهات والخسائر
رغم سلمية جزء من المسيرات، إلا أن الأيام الأخيرة شهدت تصعيداً خطيراً، إذ سُجّلت أعمال عنف وتخريب واشتباكات مع قوات الأمن.
- وفق وزارة الداخلية، أصيب 263 عنصراً أمنياً و23 مدنياً بجروح متفاوتة.
- تم اعتقال أكثر من 400 شخص بتهم التجمهر غير المرخص، التخريب، واستعمال العنف.
- الخسائر المادية كانت كبيرة، حيث جرى إحراق أو تدمير أكثر من 140 مركبة أمنية وقرابة 20 سيارة خاصة، إضافة إلى اقتحام مؤسسات حكومية وتجارية.
هذه التطورات أدخلت البلاد في حالة توتر، ودفعت الرأي العام للانقسام بين متعاطف مع مطالب المحتجين، ومنتقد لأسلوب العنف والتخريب.
موقف الحكومة وردود الفعل
في بيان رسمي، أعلنت الحكومة المغربية أنها “تتفهم المطالب الاجتماعية” وأكدت استعدادها للتجاوب معها عبر الحوار. غير أن هذا الخطاب قوبل بتشكيك من بعض الناشطين، الذين اعتبروا أن وعود الإصلاح غالباً ما تبقى حبراً على ورق.
في المقابل، شددت أصوات حقوقية على ضرورة ضبط النفس من الجانبين، محذّرة من أن القمع المفرط قد يزيد الوضع تأزماً، بينما استمرار العنف من طرف المتظاهرين قد يجرّ البلاد إلى دوامة من عدم الاستقرار.
أبعاد سياسية ومجتمعية
هذه الموجة الاحتجاجية تحمل أبعاداً أعمق من مجرد مطالب اجتماعية، إذ تعبّر عن أزمة ثقة متنامية بين فئات واسعة من الشباب والمؤسسات الرسمية.
جيل “زد-212” لا يتواصل عبر القنوات التقليدية للأحزاب أو النقابات، بل عبر الفضاء الرقمي (تيك توك، إنستغرام، ديسكورد)، ما يجعل من الصعب على الدولة التحكم في مسار الحركة أو استيعابها بالوسائل التقليدية.
وفي الوقت ذاته، فإن هذه التعبئة الرقمية تمنحها زخماً كبيراً، لكنها تجعلها عرضة للاختراق والانزلاق نحو العنف.
أي أفق للأحداث؟
المغرب، الذي يستعد لاحتضان حدث عالمي بحجم كأس العالم 2030، يجد نفسه أمام تحدٍّ داخلي يتمثل في معالجة اختلالات اجتماعية عميقة.
فإذا ما استجابت الدولة بجدية لمطالب الإصلاح في التعليم والصحة وفرص التشغيل، قد تتحول هذه الأزمة إلى فرصة لإعادة بناء الثقة مع الجيل الجديد. أما إذا طغى الحل الأمني وحده، فإن الاحتقان مرشح للتصاعد مستقبلاً.
المظاهرات الجارية ليست مجرد حدث عابر، بل هي مرآة لواقع اجتماعي وسياسي يحتاج إلى مراجعة شاملة. إنها صرخة جيل جديد يبحث عن مكانه في مغرب يسوده العدل والكرامة والتنمية المتوازنة.
اقرأ المزيد على الرابط : https://www.elhodh.info/


















