تدهور الوضع في مالي يهدد موريتانيا ويغلق شريان الحياة بين البلدين - وكالة الحوض للأنباء

تدهور الوضع في مالي يهدد موريتانيا ويغلق شريان الحياة بين البلدين

وكالة الحوض للأنباء – الأربعاء 29 أكتوبر 2025 الموافق 7 جمادى الأولى 1447 هـ تشهد جمهورية مالي منذ أسابيع تدهوراً خطيراً في أوضاعها الأمنية والمعيشية، بعد أن فرضت جماعات مسلحة ...
Image

وكالة الحوض للأنباء – الأربعاء 29 أكتوبر 2025 الموافق 7 جمادى الأولى 1447 هـ

تشهد جمهورية مالي منذ أسابيع تدهوراً خطيراً في أوضاعها الأمنية والمعيشية، بعد أن فرضت جماعات مسلحة مرتبطة بتنظيم القاعدة حصاراً خانقاً على طرق الإمداد، ما أدى إلى نقص حاد في الوقود والمواد الأساسية، وإلى إغلاق المدارس والجامعات، وتعطّل شبه كامل في حركة النقل.
وفي ظل هذا الوضع، أصدرت السفارة الأمريكية في باماكو تحذيراً عاجلاً لرعاياها، طالبتهم فيه بمغادرة البلاد فوراً بسبب “تدهور الوضع الأمني وانعدام الخدمات الأساسية”.

لكن الانعكاسات الأخطر، بحسب مراقبين، تتجلى في إغلاق الحدود الموريتانية–المالية فعلياً من الجانب المالي، رغم عدم صدور إعلان رسمي بهذا الشأن. فقد أكدت عدة صحف مالية أن المعابر الحدودية توقفت عن استقبال الشاحنات الموريتانية، وأن التجار الموريتانيين يتعرضون لمضايقات إدارية وأمنية داخل الأراضي المالية، خصوصاً في العاصمة باماكو.

شلل اقتصادي واجتماعي واسع

يمثل هذا الوضع ضربة قاسية للتبادل التجاري بين البلدين، حيث كانت مالي عبر التاريخ تشكل شرياناً حيوياً للاقتصاد الموريتاني، ووجهة رئيسية لعلاج العديد من المرضى القادمين من ولايتي الحوضين الشرقي والغربي نظراً لقرب المستشفيات والأسواق الكبرى في المناطق الحدودية المالية.
كما كانت مالي معبرًا رئيسيًا للموريتانيين في طريقهم نحو بوركينا فاسو وكوت ديفوار، إضافة إلى كونها سوقاً واسعة للماشية والمنتجات الزراعية الموريتانية.

اليوم، ومع إغلاق الحدود وغياب الأمن، أصيبت هذه الأنشطة بـ شلل شبه تام، مما انعكس مباشرة على حياة آلاف الأسر، خاصة المنمين والتجار الذين اعتادوا على حدود هادئة ومسالك مفتوحة منذ عقود.

انعكاسات أمنية خطيرة

التدهور الأمني في مالي يُنذر أيضاً بتهديدات مباشرة لموريتانيا، إذ إن الجماعات الجهادية الناشطة في شمال مالي تتحرك بالقرب من الحدود الموريتانية، وقد تسببت في حوادث متفرقة خلال السنوات الأخيرة.
ومع تراجع سيطرة الدولة المالية في المناطق النائية، تصبح الحدود أكثر هشاشة، ما يزيد احتمال تسلل عناصر مسلحة أو مهربين إلى داخل الأراضي الموريتانية، وهو ما يستدعي يقظةً أكبر من الأجهزة الأمنية.

تداعيات إقليمية تتجاوز البلدين

يرى المراقبون أن ما يجري في مالي ليس أزمة محلية فحسب، بل مؤشر على هشاشة المنظومة الأمنية في منطقة الساحل الإفريقي.
فإغلاق حدودٍ حيوية بهذا الشكل يُهدد سلاسل الإمداد التجارية في المنطقة بأكملها، ويعطّل حركة البشر والبضائع من الأطلسي إلى العمق الإفريقي.
كما أن استمرار الفوضى في مالي قد يخلق موجات جديدة من النزوح نحو الأراضي الموريتانية، في وقتٍ يعاني فيه مخيم مبرا من اكتظاظ شديد ونقصٍ في التمويل الإنساني.

على موريتانيا أن لا تترك مالي وحدها

إنّ ما تعيشه مالي اليوم من أزماتٍ أمنية واقتصادية وإنسانية يستدعي من موريتانيا أن لا تترك هذا البلد الشقيق وحيداً في مواجهة محنته.
فالعلاقات بين البلدين ليست مجرد حدود جغرافية، بل هي صلة دمٍ وتاريخٍ ودينٍ وجوارٍ كريم امتدّت جذوره عبر القرون.

لقد كانت مالي دومًا سندًا للموريتانيين في تجارتهم وتنقلهم وعلاجهم، وهي اليوم في أمسّ الحاجة إلى دعم نواكشوط الدبلوماسي والسياسي، وإلى مبادرة حقيقية تسعى للمساعدة في حلّ أزماتها الأمنية وتطويق خطر الجماعات المسلحة.
وعلى موريتانيا، وفاءً لتاريخ الأخوة والتعايش المشترك، أن تتحرّك بفاعلية لإنقاذ هذا البلد الجار، لأنّ استقرار مالي من استقرار موريتانيا، وأمنها هو أمننا جميعاً في هذه المنطقة التي يجمعها المصير الواحد والمستقبل المشترك.

 اقرأ المزيد على الرابط :  https://www.elhodh.info/                 


شائع

اترك تعليقك