في الدول الديمقراطية ذات المؤسسات القوية، تُعد زيارة الرئيس أو رئيس الحكومة للولايات والمناطق الداخلية فرصة لتلمّس حاجات المواطنين، وتصحيح اختلالات التنمية، وتأكيد حضور الدولة في كل مكان.
أما في بلادنا، فغالبًا ما تتحول هذه الزيارات إلى استعراضات مؤقتة تُنفق فيها الأموال، ويُزيَّف الواقع، وتُخدَّر العقول بحشود مصطنعة لا تُعبّر عن حقيقة الشارع ولا عن حجم المعاناة.
تنظيف وتجميل لا يعكسان الواقع
مع اقتراب زيارة الرئيس، تنطلق عجلة “التجميل السريع“:
- تُنظَّف الشوارع التي طالها الإهمال لسنوات،
- تُرقّع الحفر، وتُصبغ الأرصفة، وتُزال القمامة،
- في سباق محموم لإخفاء الواقع بدل إصلاحه.
لكن هذا المشهد المؤقت لا يُمثّل اهتمامًا حقيقيًا بالمواطن، بل هو محاولة لتجميل الصورة أمام الرئيس، مع أن المدن تستحق خدمة دائمة، لا زينة عابرة.
إنفاق بلا رقابة
تُبذَّر مبالغ ضخمة في:
- تأجير الحافلات لنقل الجماهير،
- إقامة منصات وخيام،
- تنظيم الولائم والنفقات اللوجستية.
إخفاء الحقيقة عن الرئيس
الخطير أن السلطات المحلية تتفنن في إخفاء النواقص والمشاكل عن الرئيس:
- تُمنع الشكاوى،
- تُبعد الفئات المهمشة،
- ويُعرض مشهد مزيف يقول: “كل شيء بخير يا فخامة الرئيس“.
لكن الرئيس لا يحتاج إلى خداع، بل إلى حقيقة، حتى يتخذ القرار الصائب.
لم يأتِ الرئيس ليرى ما تُريده السلطة المحلية، بل ليعرف ما يحتاجه الشعب.
لم يأتِ لزيادة العبء على المواطنين، بل لتخفيف معاناتهم.
ولم يأتِ لتُبذَّر أموال الدولة في غير وجه حق، بل لترشيدها وتوجيهها لما يخدم الناس.
الفرق في الدول المتقدمة
في الدول التي تحترم مؤسساتها وشعوبها:
- الزيارات لا تُجهَّز بالدهان واللافتات،
- ولا تُعطَّل الإدارات من أجل التصفيق،
- بل يُعرض الواقع كما هو،
- ويُسائل الرئيس أمام الإعلام والمجتمع،
- وتُخصَّص الزيارة للحلول لا للمديح.
الإعلام: صوت المواطن أم صوت السلطة؟
الإعلام في بلادنا يتحول خلال الزيارات إلى:
- عدسة تُصوّر التصفيق،
- وميكروفون يُردّد الشعارات،
- ولسان يُسبّح بحمد “الإنجاز” ولو كان مجرد مسرحية.
أما في الدول المتقدمة، فالإعلام يُسائل ويُحقق، ويُذكّر بالحقيقة، لأنه سلطة مستقلة وليست أداة تمجيد.
مناشدة إلى فخامة الرئيس
فخامة رئيس الجمهورية، السيد محمد ولد الشيخ الغزواني،
لقد انتخبكم الشعب طمعًا في عدالة، ونزاهة، وتغيير حقيقي.
ولذلك نناشدكم بصدق أن تضعوا حدًّا لهذه الطقوس السطحية المصاحبة لزياراتكم، لأنها:
- تُشوّه صورتكم،
- وتُضللكم عن الواقع،
- وتُرهق الدولة والمواطن ماليًا وأخلاقيًا.
فأنت لم تُنتخب لرؤية مشهد مصطنع، بل لتسمع صوت المواطن الحقيقي.
ولم توضع في سدة الحكم لتُثقل كاهل الناس، بل لتخفيف معاناتهم.
ولم تُحمَّل مسؤولية قيادة البلاد لتُصرَف أموال الدولة دون وجه حق، بل لترشيدها وجعلها في خدمة المواطن.
نرجو من فخامتكم إصدار قرار صريح يمنع هذه الممارسات ويعاقب القائمين عليها، ويُلزم المسؤولين بعرض الواقع كما هو، لا كما يُحب أن يُرى.
فبذلك فقط، تتحول زياراتكم إلى محطات إصلاح وتقدم، لا إلى مشاهد فولكلورية جوفاء.
بقلم المهندس الحاج سيدي ابراهيم سيدي يحي
📌 اقرأ المزيد على الرابط :