نواكشوط – وكالة الحوض للأنباء
في ظل التحديات المتفاقمة بمنطقة الساحل والتزايد الكبير في موجات الهجرة غير النظامية نحو جزر الكناري، يقوم رئيس الحكومة الإسبانية، بيدرو سانشيز، بزيارة رسمية إلى العاصمة الموريتانية نواكشوط، وذلك في إطار جولة إفريقية تشمل غامبيا والسنغال. وتُوصف هذه الزيارة بأنها ذات بعد استراتيجي مزدوج: أمني–تنموي، وتهدف إلى ترسيخ شراكة طويلة الأمد بين مدريد ونواكشوط.
الإطار العام للزيارة
تأتي زيارة سانشيز في سياق متقاطع يجمع بين:
- التصاعد الحاد للهجرة غير النظامية من إفريقيا الغربية إلى أوروبا.
- تراجع الاستقرار الأمني في منطقة الساحل بعد انسحاب فرنسا وتصاعد التهديدات الإرهابية.
- اهتمام أوروبي متزايد بموريتانيا كدولة عبور ومفتاح استقرار إقليمي.
إسبانيا، باعتبارها البوابة الأوروبية الأقرب، تسعى من خلال هذه الزيارة إلى تعزيز دور موريتانيا في كبح جماح الهجرة وتحقيق تعاون أمني وتنموي شامل.
محاور التعاون المنتظرة
من المرتقب أن تشهد الزيارة توقيع اتفاق إطار ثنائي لتنظيم اجتماعات حكومية رفيعة المستوى، تشمل ملفات متعددة:
- ملف الهجرة: تعزيز برامج الهجرة القانونية، وتوسيع الهجرة الموسمية باتجاه إسبانيا، في مقابل تضييق الخناق على شبكات التهريب.
- التعاون الأمني: دعم قدرات موريتانيا في مراقبة الحدود، ومكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة.
- الاستثمار والتنمية: تمويل مشاريع في مجالات الطاقة المتجددة (خاصة الهيدروجين الأخضر)، البنية التحتية، والتكوين المهني.
رسائل سياسية وقراءة ما بين السطور
زيارة سانشيز إلى نواكشوط تكررت في ظرف ثلاث سنوات، ما يؤكد أهمية موريتانيا المتزايدة في السياسة الخارجية الإسبانية. كما أن اختيارها في مقدمة الجولة يعكس ثقة مدريد في استقرار النظام السياسي الموريتاني، في وقت تشهد فيه دول الساحل الأخرى اضطرابات متكررة.
غير أن مراقبين يرون أن بعض دوافع هذه الزيارة ترتبط أكثر بـالضغوط الأوروبية لوقف تدفق المهاجرين، وأن التعاون المقترح لا بد أن يتم وفق مبدأ الندية والمصلحة المشتركة.
أهمية موريتانيا في المعادلة
- موقعها الجغرافي يجعلها نقطة استراتيجية لمراقبة تدفقات الهجرة.
- استقرارها السياسي النسبي يؤهلها للعب دور تنسيقي إقليمي.
- مواردها الطبيعية الكبرى (غاز، معادن، صيد بحري) تمثل فرصة شراكة تنموية واعدة، بعيدًا عن المقاربة الأمنية فقط.
زيارة رئيس الحكومة الإسبانية إلى نواكشوط ليست مجرد بروتوكول دبلوماسي، بل هي اختبار حقيقي لمستقبل التعاون الإفريقي–الأوروبي. النجاح في هذه الشراكة يقتضي:
- احترام السيادة الوطنية لموريتانيا.
- بناء مشاريع ذات أثر مباشر على الشباب والبطالة.
- التعامل مع الهجرة كنتاج لظروف اقتصادية، لا مجرد تهديد أمني.
ويبقى الرهان الأكبر: تحويل التحديات إلى فرص تنموية متبادلة، في عالم يتغير بسرعة وتتقاطع فيه المصالح على أكثر من جبهة.
📌 اقرأ المزيد على الرابط :https://www.elhodh.info/