في خطوة طال انتظارها، سلّمت حركة حماس ردّها الرسمي إلى الوسطاء على المقترح الذي تقدم به المبعوث الأمريكي الخاص للشرق الأوسط ستيفن وودكوف، بشأن وقف إطلاق النار في قطاع غزة، وذلك يوم 31 مايو 2025. الرد جاء بعد مشاورات داخلية واستشارات سياسية مكثفة، ليعكس توجه الحركة نحو هدنة مشروطة تضمن حقوقها وثوابتها الأساسية، لا مجرد تهدئة مؤقتة بلا أفق.
ملامح المقترح الأمريكي (وودكوف)
يقترح وودكوف وقفًا لإطلاق النار على مراحل، يتضمن:
- تبادل أسرى بين الجانبين.
- إدخال مساعدات إنسانية.
- انسحاب تدريجي للقوات الإسرائيلية.
- الدخول في مفاوضات سياسية لاحقة برعاية إقليمية ودولية.
مضمون رد حماس: أربع نقاط جوهرية
1. وقف دائم لإطلاق النار وليس هدنة مؤقتة
طالبت حماس بضمانات مكتوبة بأن يكون وقف إطلاق النار شاملاً ودائمًا، وليس مجرد هدنة مؤقتة يتم خرقها لاحقًا كما حدث في اتفاقيات سابقة. وأكدت الحركة أن أي اتفاق يجب أن يتضمن انسحابًا كاملاً للجيش الإسرائيلي من قطاع غزة.
2. تدفق المساعدات الإنسانية دون قيود
شددت حماس على ضرورة رفع الحصار بشكل فعلي، وضمان تدفق المساعدات الإنسانية من خلال قنوات أممية معترف بها (مثل الأمم المتحدة والهلال الأحمر)، دون تدخل إسرائيلي في آليات التوزيع، معتبرة أن المساعدات حق إنساني غير قابل للتفاوض.
3. تبادل أسرى بموجب جدول واضح ومرحلي
اقترحت حماس إطلاق سراح 10 أسرى إسرائيليين أحياء، وتسليم 18 جثمانًا، مقابل الإفراج عن عدد كبير من الأسرى الفلسطينيين وفق جدول زمني متفق عليه، على أن يكون التنفيذ على ثلاث مراحل بدلاً من مرحلتين.
4. ضمانات دولية لمنع خرق الاتفاق
طالبت حماس بضمانات من دول راعية محايدة، تضمن عدم استئناف إسرائيل لأي عمل عسكري بعد تنفيذ الاتفاق. وأشارت إلى تجارب سابقة مثل هدنة مارس الماضي التي خرقتها إسرائيل بعد أيام.
قراءة في الموقف السياسي
رد حماس يكشف عن نضج سياسي وتكتيكي في التعاطي مع المبادرات الدولية، فهو:
- لا يرفض المقترح بالمطلق، بل يعيد صياغته وفق رؤية فلسطينية تستند إلى الواقع الميداني.
- يركّز على مبادئ سيادية كرفع الحصار وضمان الكرامة الوطنية.
- يحاول الاستفادة من الضغط الدولي على إسرائيل بعد تصاعد الانتقادات لعملياتها في غزة.
رسائل حماس من خلال الرد
- إلى إسرائيل: لن تكون هناك تسويات مجانية، ولن نقبل بوقف إطلاق نار هشّ.
- إلى الولايات المتحدة: يمكن لأي وساطة أن تنجح إذا احترمت الحد الأدنى من المطالب الفلسطينية.
- إلى الوسطاء الإقليميين: نرحب بالدور المصري والقطري والتركي، لكننا نتمسك بثوابتنا.
هل نحن أمام انفراجة أم جولة تفاوض جديدة؟
الكرة الآن في ملعب الوسطاء والداعمين للمقترح الأمريكي. فإن تم أخذ تعديلات حماس بعين الاعتبار، فقد تكون هناك فرصة حقيقية لاتفاق طويل الأمد. وإن تم تجاهلها، فإن المشهد مرشح للعودة إلى التصعيد، خاصة مع اقتراب مناسبات حساسة في الإقليم.
مضمون رد حماس على مقترح وودكوف يُعد تحولًا مهمًا من موقع الرفض المطلق إلى موقع التفاوض المشروط، ويعكس رغبة الحركة في الوصول إلى تسوية تحفظ الحد الأدنى من الحقوق الفلسطينية دون التنازل عن المبادئ الأساسية. فهل تستجيب الأطراف الأخرى لهذا التوجه؟ أم أن المنطقة على موعد مع فصل جديد من المواجهة؟
📌 اقرأ المزيد على الرابط :https://www.elhodh.info/
