لماذا تتحاشى التلفزة الوطنية الحديث عن أزمة المياه الصالحة للشرب في نواكشوط؟
أليس من حق المواطن أن يُفتح له نقاش صريح حول هذه الأزمة، تُعرض فيه الأسباب الحقيقية، والحلول المقترحة، والآجال المتوقعة لانتهاء المعاناة؟
أين الشفافية في إعلام الدولة؟
ولماذا لا تُخصص الحكومة صهاريج لتوزيع الماء على جميع الأحياء بشكل عادل، يضمن أن تحصل كل أسرة، ولو على كمية ضئيلة، تحفظ لها كرامة الحياة؟
أليست وسائل الإعلام الرسمية مسؤولة عن إطلاع المواطن على كل ما يمس حياته اليومية، خصوصًا حين يتعلق الأمر بأبسط حقوقه: الماء؟
إن التعتيم لا يخفف من المعاناة، بل يُعمّقها، ويُشعر المواطن بالتجاهل. والمطلوب اليوم، قبل كل شيء، هو الصدق والوضوح.
والذي نراه في وسائل الإعلام الرسمية اليوم ليس مواكبة لهموم الناس، بل تجميل متواصل للواقع، وكأننا في حملة انتخابية دائمة، تُعرض فيها المنجزات المفترضة وتُغيب الأزمات الحقيقية.
ولا شك أن انقطاع الماء أو الكهرباء، أو توقف خدمة معينة، ليس في حد ذاته أمرًا مستغربًا، فقد يحدث ذلك في أي بلد ولأسباب فنية أو ظرفية طارئة، وغالبًا ما تُعتمد حلول مؤقتة لتجاوز الأزمة إلى حين معالجتها جذريًا.
لكن ما يُضاعف المعاناة ويُعقّد الأزمة هو تغييب المواطن عن الحقيقة، وتركه يواجه المجهول، فريسةً للشائعات والمضاربات، خاصة حين يتعلق الأمر بمواد ضرورية. فكلما طال الصمت الرسمي، زادت المخاوف، وارتفعت الأسعار، وتعطّلت الثقة.
وهنا، يصبح الصمت الإعلامي الحكومي ليس مجرد تقصير، بل شريكًا فعليًا في معاناة المواطن، من خلال تغليط الواقع أو تجاهله.
أرقام بملايين الدولارات… والنتيجة؟ صهاريج خاصة وأحياء عطشى
على الرغم من أن الحكومة خصّصت مبالغ مالية كبيرة لمعالجة أزمة المياه في نواكشوط، إلا أن المحتوى الإعلامي الرسمي ظل خافتًا، ولم يكشف الجدول الزمني لحلول الأزمة، ما يزيد من شكوك المواطنين وقلقهم.
فيما يلي أبرز ما أُعلن رسميًا من تمويلات:
- في إطار برنامج الطوارئ للماء والكهرباء في نواكشوط، حصلت الدولة على قرض بقيمة 16.7 مليون دينار كويتي (حوالي 55 مليون دولار) من الصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي، بهدف تعزيز الإنتاج، ونقل المياه، وتقوية شبكة التوزيع، إلى جانب دعم الكهرباء في العاصمة.
- كما أُطلقت مبادرة موسعة بتمويل من الصندوق العربي لتوسيع شبكة توزيع المياه في المدينة، بتكلفة تُقدّر بحوالي 40 مليون دولار، لتوصيل مياه نهر السنغال إلى الأحياء التي لم تصلها بعد، ولمحو البقع العطشى التي عانت الإهمال لسنوات.
- أما مشروع آفطوط الساحلي، الهادف إلى تزويد نواكشوط بمياه مستدامة من نهر السنغال، فقد بلغت تكلفة مراحله المختلفة أكثر من 330 مليون وحدة حسابية إفريقية، أي ما يعادل أكثر من 400 مليون دولار، بمساهمة من الحكومة ووكالات دولية، وكان من المفترض أن يغطي حاجة نواكشوط حتى عام 2030. لكنه تعثرت نتائجه على الأرض.
إلى متى؟
المواطن لا يطلب معجزات، بل يطلب فقط أن يكون شريكًا في المعرفة، لا ضحية للجهل والإشاعات.
يريد أن يعرف: لماذا انقطعت المياه؟ ما هي الحلول؟ متى ستعود؟
وهل المليارات المعلنة تُصرف فعلًا في مواقع الأزمة؟ أم أن ما يصل إلى المواطن هو فقط رائحة الوعود دون قطرة ماء؟
إن الشفافية ليست ترفًا إعلاميًا، بل شرط أساسي لبناء الثقة، ووسيلة فعالة لمواجهة الأزمات.
فمن حق المواطن أن يعرف… متى ينتهي عطشه؟
بقلم المهندس الحاج سيدي ابراهيم سيدي يحي
اقرأ المزيد على الرابط : https://www.elhodh.info/