في خطوة غير مسبوقة، نجحت موريتانيا في تعبئة غلاف مالي ضخم قدره ملياري دولار أمريكي من مجموعة التنسيق العربية، خلال طاولة مستديرة احتضنها مقر صندوق الأوبك للتنمية الدولية، جمعت عشر مؤسسات مالية عربية كبرى بحضور فخامة رئيس الجمهورية، وعدد من الوزراء والممولين.
وقد أشاد رئيس الجمهورية في كلمته الافتتاحية بهذا الإنجاز، معتبرًا أنه يعكس مستوى الثقة المتقدم الذي تحظى به البلاد، والتقدير الذي تكتسبه مقاربتها الإصلاحية في المحافل الدولية. كما استعرض محفظة المشاريع المقترحة ضمن المخطط الخماسي 2026–2030، والتي تمحورت حول البنية التحتية، الطاقة، الزراعة، والمياه.
إعلان رئيس مجموعة البنك الإسلامي للتنمية عن التزام المجموعة بملياري دولار لدعم التنمية في موريتانيا مثّل لحظة مفصلية، تفتح آفاقًا واعدة أمام تمويل عشرات المشاريع الكبرى التي قد تغيّر ملامح الاقتصاد الوطني.
لكن، ورغم الترحيب العارم بهذا الدعم السخي، تبرز أسئلة حيوية حول الجدوى الفعلية لهذا التمويل، وطبيعته، وأثره طويل المدى على المواطن الموريتاني.
فالواقع أن هذا الغلاف المالي – في جزء كبير منه – سيتم عبر قروض ميسّرة، ما يعني تحميل الدولة مزيدًا من المديونية العمومية، في سياق عالمي متقلب، ومع هشاشة في الميزانية الوطنية.
ويرى خبراء أن ارتفاع نسبة الدين إلى الناتج المحلي الخام قد يؤدي لاحقًا إلى ضغوط مالية حادة، وربما يمس بالتوازنات الكبرى، إذا لم تُوجَّه هذه الأموال نحو قطاعات منتجة بشكل فعلي.
كما أن التجربة السابقة تُظهر أن القروض، في غياب حكامة رشيدة، قد تُبدّد في مشاريع ضعيفة الأثر أو تُنهكها البيروقراطية، ليبقى المواطن بعيدًا عن الاستفادة المباشرة من تلك المليارات، في ظل واقع معيش صعب يطغى عليه غلاء الأسعار، وضعف الخدمات، وتقلّص فرص التشغيل.
إن الإنجاز السياسي والدبلوماسي لا خلاف عليه، لكنه يحتاج إلى ضمانات تنفيذ حقيقية، وآليات رقابة فعالة، وربط وثيق بين الاستثمار والديمومة الاجتماعية، حتى لا يتحوّل الأمل إلى عبء، أو تتحول الثقة إلى ورطة مالية جديدة.
📌 اقرأ المزيد على الرابط :https://www.elhodh.info/