موريتانيا تفتح أول منجم لليورانيوم تزامنًا مع انطلاق الغاز: فرصة استراتيجية نادرة - وكالة الحوض للأنباء
  • الرئيسية
  • آخر الأخبار
  • موريتانيا تفتح أول منجم لليورانيوم تزامنًا مع انطلاق الغاز: فرصة استراتيجية نادرة

موريتانيا تفتح أول منجم لليورانيوم تزامنًا مع انطلاق الغاز: فرصة استراتيجية نادرة

افتتاحية وكالة الحوض للأنباء. – // – في خطوة غير مسبوقة، منحت السلطات الموريتانية ترخيصًا نهائيًا لشركة أوسترالية لاستغلال منجم اليورانيوم في منطقة “تيرس” الواقعة شمال ...
Image

افتتاحية وكالة الحوض للأنباء. – // –

في خطوة غير مسبوقة، منحت السلطات الموريتانية ترخيصًا نهائيًا لشركة أوسترالية لاستغلال منجم اليورانيوم في منطقة “تيرس” الواقعة شمال شرقي البلاد. ويأتي هذا التطور في وقت حاسم، إذ دخلت موريتانيا مرحلة جديدة من تاريخها الاقتصادي مع انطلاق إنتاج الغاز من حقل “السلحفاة الكبرى آحميم”، ما يعكس تحوّلًا استراتيجيًا في استغلال الثروات الوطنية.

منجم “تيرس”: خطوة جريئة نحو استغلال الطاقة النووية

يُعد منجم “تيرس” أول مشروع موريتاني مخصص لاستخراج اليورانيوم، ويحتوي على احتياطات كبيرة تُقدّر بعشرات الملايين من الأرطال من هذا المعدن الثقيل. وتعتزم الشركة المشرفة على المشروع إنتاج كميات معتبرة سنويًا، ما يفتح الباب أمام تصدير مادة تدخل بشكل أساسي في إنتاج الطاقة النووية والصناعات المتقدمة.

ويشهد العالم توسعًا في إنشاء المفاعلات النووية، مما يزيد الطلب على اليورانيوم في ظل عدم كفاية الإنتاج العالمي لتغطية الاحتياجات. بلغت نسبة تغطية الإنتاج للطلب العالمي 74٪ فقط في عام 2022. تُعد كازاخستان أكبر منتج عالمي لليورانيوم، تليها كندا وناميبيا. القارة الإفريقية تضم 4 دول منتجة لليورانيوم، أبرزها النيجر وناميبيا، بينما تضم آسيا 7 دول، منها الصين والهند وكازاخستان. إنتاج بعض الدول تراجع بشكل كبير خلال السنوات الأخيرة، مثل الولايات المتحدة وأوكرانيا. يستخدم اليورانيوم في توليد الكهرباء وفي الصناعات العسكرية لإنتاج القنمبلة الذرية بعد التخصيب.

الغاز والنفط: موريتانيا على أبواب طفرة طاقوية شاملة

يتزامن هذا التحول في مجال استغلال اليورانيوم مع انطلاق تصدير الغاز من حقل “آحميم”، المشترك بين موريتانيا والسنغال. غير أن الأهم من ذلك هو وجود حقول أخرى واعدة، وعلى رأسها حقل “بير الله”، الواقع كليًا داخل الأراضي الموريتانية، والذي يُعد الأضخم من نوعه في البلاد.
فحقل “بير الله” يحتوي على مخزون من الغاز يُقدّر بأنه أكبر بخمس مرات من مخزون حقل “آحميم”، وهو الآن في طور الإعداد للاستغلال، ما يجعل موريتانيا مرشحة لتكون في طليعة الدول المصدّرة للغاز في المنطقة.

درس من النيجر: عندما تُستنزف الثروات ولا يستفيد الشعب

قبل أن نحتفي بهذه المشاريع، لا بد أن نستحضر تجربة النيجر، حيث استُخرج اليورانيوم لعقود طويلة من أراضيها لصالح شركة فرنسية دون أن يستفيد المواطنون.
لقد وفّرت تلك الثروة الطاقة النظيفة والمستقرة لبلدان غربية، على رأسها فرنسا التي تملك الشركة ذاتها، بأسعار زهيدة، في حين لم تنل مناطق المناجم في النيجر سوى الأمراض والتلوّث والإقصاء.

فمياه الآبار تلوّثت، والهواء امتلأ بجزيئات مشعة، والغبار المتناثر في الأجواء حمل معه سمومًا تسللت إلى صدور الناس ومزارعهم.
حتى الأمطار التي تتساقط على المناطق المجاورة للمناجم أصبحت مشوبة ببقايا النشاط الإشعاعي.

وإذا كانت منطقة “تازيازت” قد عانت من آثار مناجم الذهب، فكيف سيكون الحال مع معدن مثل اليورانيوم، الذي يتسبب في تلوث أعمق وأكثر خطورة؟

إما فرصة للتقدم أو باب للندم

إن تزامن هذه المشاريع – استغلال اليورانيوم من جهة، وانطلاق الغاز من جهة أخرى – يضع موريتانيا أمام فرصة تاريخية لتغيير وجهها الاقتصادي وبناء مستقبل مستقل ومزدهر.
لكن هذه الفرصة قد تتحول إلى نقمة إذا لم تُحسن إدارتها، وإذا لم توجّه العائدات نحو خدمة المواطن وتعزيز التعليم والصحة والبنية التحتية.

البلاد تملك اليوم الغاز، والنفط، والذهب، واليورانيوم، ولكن الثروة الحقيقية هي في إرادة سياسية رشيدة، وفي مراقبة شعبية واعية، وفي مؤسسات قادرة على حماية المصلحة العامة.

الثروة وحدها لا تبني الأوطان… بل الشعوب الواعية

لا شك أن الضمان الحقيقي لنجاح أي بلد لا يكمن فقط في موارده الطبيعية، بل في شعبه؛ فهو حجر الأساس الذي تبنى عليه المؤسسات، وهو الحارس الأمين على المال العام، والمراقب الصادق لأداء الحكام.
غير أن الواقع في موريتانيا اليوم يُظهر أن هذا الشعب، لا يزال مُقصى من دائرة القرار، ويُراد له أن يرضى بما يُمنح له بدل أن يشارك فعليًا في البناء.

فإذا نظرنا إلى الانتخابات الأخيرة وما شابها من تجاوزات وتزوير وتغطية إعلامية انتقائية، ندرك أن الطريق نحو التغيير لا يزال محفوفًا بالعقبات، وأن هناك من يسعى لإبقاء المواطن في دور التابع، لا الشريك.

ولهذا، فإن أخطر ما يمكن أن يُهدد استغلال ثرواتنا ليس نقص التمويل أو غياب التكنولوجيا، بل تغييب الإرادة الشعبية، وتمييع الممارسة الديمقراطية، وجعل الشعب متفرجًا على ما يُفترض أن يكون قراره ومستقبله.

📌 اقرأ المزيد على الرابط :https://www.elhodh.info/


شائع

اترك تعليقك