النقد البناء… شريك الإصلاح وضمان الاستدامة - وكالة الحوض للأنباء

النقد البناء… شريك الإصلاح وضمان الاستدامة

في منشوره الأخير على فيسبوك، أكد معالي الوزير الأول أن “الإحساس بمعاناة المواطنين مطلوب ومبرر، والنصح بل وحتى النقد مفيدان، خصوصا إذا بني كل ذلك على الحقائق والأسس العلمية ...
Image

في منشوره الأخير على فيسبوك، أكد معالي الوزير الأول أن “الإحساس بمعاناة المواطنين مطلوب ومبرر، والنصح بل وحتى النقد مفيدان، خصوصا إذا بني كل ذلك على الحقائق والأسس العلمية الموضوعية، غير ذلك يُخشى أن يكون ضرره أكثر من نفعه”.

ونحن، وإن كنا نثق في كفاءته وكفاءة أعضاء حكومته، ندرك حجم العقبات في القطاعات الحيوية، خصوصاً الماء والكهرباء. فقد عشنا مؤخراً أزمة انقطاع المياه التي كلفت المواطنين مبالغ كبيرة وأرهقت حياتهم اليومية، وهي أزمة كان يمكن الاستعداد لها منذ سنوات لأن مشكلة الطمي ليست جديدة.

هذا الواقع يجعل النقد النزيه أكثر ضرورة، لأنه أداة لفضح الخلل وإصلاحه، لا لتقويض الإنجازات. غير أن إظهار الحقائق أصبح في بعض الأحيان محفوفاً بالمخاطر، إذ قد يؤدي إلى استهداف أصحابه ومعاقبتهم، حتى لو كانوا داعمين للنظام، خصوصاً عندما يكشفون أضراراً تمس المصلحة العامة، في ظل وجود نافذين يغطون الحقائق ويقمعون من يحاول كشفها.

وربما، في ظل هذا الواقع، قد يكون المطلوب منا أن نصمت أو نكتفي بالتمجيد، وكأن المطلوب هو إخفاء مواطن الخلل بدل معالجتها، حتى لو كان الثمن استمرار الأزمات وتفاقم آثارها على حياة المواطنين.

وهذا، مع الأسف، يعاكس ما عبّر عنه معالي الوزير الأول نفسه، المختار ولد اجاي، أمام البرلمان، في عرضه لبرنامج حكومته، حين أكد أن مشاركة المواطنين، والمجتمع المدني، والبرلمانيين، ووسائل الإعلام، هي “شريك لا بد منه في مسيرة الإصلاح”. وقد شدد حينها على أن بناء مؤسسات دولة القانون يتطلب إشراك الجميع في النقاش ومنحهم حق التعبير، لأن أي حوكمة سليمة لا تقوم إلا على أساس من الشفافية والحرية. وبالتالي، لا بد من تجاوز الخوف من النقد، واعتباره أداة لتحسين الأداء من الداخل، لا مجرد خطر يُطوَّق به المختلفون.

لقد استبشرنا بهذا الطرح الذي بدا وكأنه انعطافة نوعية في الخطاب السياسي الوطني، ورأينا فيه ملامح مقاربة جديدة تعلي من شأن المشاركة الشعبية، وتعيد الاعتبار لدور المجتمع المدني والنخب الفكرية والبرلمانية في صياغة السياسات العمومية. كما اعتبرناه فرصة لكسر احتكار القرار في الدوائر الضيقة، وإرساء قاعدة تشاركية حقيقية تتيح انخراط جميع المكونات الوطنية، بغض النظر عن انتماءاتهم السياسية أو مرجعياتهم الفكرية، على أساس أن المصلحة العليا للوطن تظل القاسم المشترك الذي يوحّد الجميع، وأن تنوع الرؤى، إذا ما أُحسن استثماره، يمكن أن يكون رافعة للإصلاح لا معول هدم له.

غير أن السؤال الذي يطرح نفسه اليوم، بعد منشور معالي الوزير الأول المذكور، هو ما إذا كنا ما زلنا نسير في اتجاه تعميق الانفتاح وترسيخ المشاركة الشعبية كخيار ثابت، أم أن هذه المبادئ التي استبشرنا بها تظل حاضرة في الخطاب أكثر منها في التطبيق العملي.

وفي النهاية، يبقى النقد الموضوعي أداة بنّاءة، ورئيس الجمهورية نفسه كان أول من دعا إلى مشاركة الجميع لأن الغاية هي مصلحة المواطن. فالمشاريع الكبرى والإنجازات لا يمكن أن تكتمل دون رقابة شعبية واعية تُسهم في كشف الثغرات ومعالجتها في وقتها. والسلطة التي تفتح صدرها للنقد الصادق تكسب ثقة الناس وتضمن استمرارية دعمهم، لأن المواطن شريك في البناء لا مجرد متفرج. أما إسكات الأصوات أو تهميشها، فلن يؤدي إلا إلى تراكم الأخطاء حتى تتفاقم الأزمات وتتعثر مسيرة الإصلاح.

بقلم المهندس الحاج سيدي ابراهيم سيدي يحي

 اقرأ المزيد على الرابط :https://www.elhodh.info/


شائع

اترك تعليقك