تُعرف موريتانيا بمناخها الصحراوي القاسي الذي يتميّز بارتفاع درجات الحرارة وهبوب الرياح العاتية خاصة في مواسم محدّدة من السنة. هذه الرياح لا تحمل معها الهواء فقط، بل تنقل كميات هائلة من الغبار والرمال الناعمة التي تترسّب على الوجوه والأيادي والأقدام، وتتسرّب إلى البيوت والمباني، لتصبح جزءاً من الحياة اليومية للسكان. لكن السؤال المطروح: هل يشكل هذا الغبار خطراً على الصحة العامة؟
مكوّنات الغبار المحمول بالرياح
الغبار الذي تثيره الرياح في الأجواء الموريتانية ليس مجرد ذرات ترابية عادية، بل يتكوّن من:
كائنات دقيقة متنوعة، منها بكتيريا وفطريات وحتى فيروسات، إذ إن الرياح ترفع معها الأبواغ والمواد العضوية من سطح الأرض.
جزيئات معدنية دقيقة مثل السيليكا والطين والأكاسيد المعدنية.
ملوِّثات كيميائية عالقة بالتربة مثل المعادن الثقيلة وبقايا الهيدروكربونات.
المخاطر الصحية المرتبطة بالغبار
1. الجهاز التنفسي
أخطر ما في الغبار هو جزيئاته الدقيقة التي لا ترى بالعين المجردة. فالجزيئات الأصغر من 10 ميكرون، وخاصة أقل من 2.5 ميكرون، قادرة على اختراق أعماق الرئتين. وهذا قد يؤدي إلى:
- زيادة معدلات الربو والتهابات الشعب الهوائية.
- السعال المزمن وتفاقم أمراض الجهاز التنفسي.
- إرهاق أكبر للجهاز التنفسي لدى الأطفال وكبار السن والمرضى.
2. الجلد والعينان
الغبار المترسّب على الوجه والذراعين والأقدام قد يسبب:
- جفاف الجلد وتهيّجات جلدية متكرّرة.
- التهابات في العينين، أبرزها التهاب الملتحمة.
3. الجانب الجرثومي
أظهرت دراسات في منطقة الساحل أنّ الرياح المحمّلة بالغبار تسهّل انتشار بعض الأمراض الوبائية مثل التهاب السحايا، حيث تضعف الحواجز الطبيعية للجهاز التنفسي وتزيد من حساسية الأغشية المخاطية للعدوى. كما أنّ الغبار قد ينقل أنواعاً من البكتيريا والفطريات المسببة للحساسية والأمراض الجلدية.
الوقاية الممكنة
رغم أنّ الغبار ظاهرة طبيعية لا يمكن منعها، إلا أنّ اتخاذ بعض الاحتياطات يقلّل من أضراره:
ترطيب الجلد وشرب الماء لتقليل الجفاف الناتج عن العوامل البيئية.
ارتداء الكمامات أو تغطية الأنف والفم أثناء العواصف الرملية.
استخدام نظارات واقية لحماية العينين.
غسل الوجه واليدين بعد العودة من الخارج.
تقليل التعرض المباشر للهواء المحمّل بالغبار قدر الإمكان.
ترطيب الجلد وشرب الماء لتقليل الجفاف الناتج عن العوامل البيئية.
الغبار في موريتانيا ليس مجرّد إزعاج يومي، بل هو عامل بيئي له تأثيرات مباشرة وغير مباشرة على صحة الإنسان. وبينما يظل جزءاً من طبيعة الحياة الصحراوية، فإنّ الوعي بمخاطره واتباع إجراءات وقائية بسيطة يمكن أن يخفّف من آثاره السلبية، خصوصاً على الفئات الأكثر هشاشة. ويبقى الاستثمار في البحث العلمي المحلي أمراً ضرورياً لفهم العلاقة الدقيقة بين هذه الظاهرة الطبيعية وصحة السكان، واقتراح حلول صحية وبيئية أكثر فعالية.
اقرأ المزيد على الرابط : https://www.elhodh.info/