بقلم المهندس الحاج سيدي إبراهيم سيدي يحي
قسم التحرير – وكالة الحوض للأنباء
منذ نهاية عام 2023، أعلن الحوثيون (أنصار الله) حصار بحري على السفن المرتبطة بإسرائيل، خاصة في البحر الأحمر ومضيق باب المندب. وبعد نجاحهم في شلّ حركة ميناء إيلات بالكامل تقريبًا، صعّد الحوثيون الوضع في 4 مايو 2025 بإعلان حصار جوي على إسرائيل، تزامنًا مع ضربات غير مسبوقة على مطار بن غوريون.
هذا التصعيد المتواصل كشف عن تفكك المنظومة الدفاعية الإسرائيلية، وتراجع الغطاء الغربي، واهتزاز الجبهة الداخلية، لتبدو إسرائيل في أخطر لحظة استراتيجية منذ قيامها.
الحصار البحري: ضربة قاصمة لإيلات
قبل الحصار:
- في 2022، استوردت إسرائيل 166,000 سيارة عبر ميناء إيلات (49% من واردات السيارات).
- استقبل الميناء في 2023 نحو 60 سفينة بحمولة 1.86 مليون طن.
بعد الحصار:
- انخفاض حركة الشحن بنسبة 85%.
- توقف كامل لواردات السيارات.
- خسائر مالية فاقت 13.8 مليون دولار.
- تسريح نصف العمال.
رغم نشر الولايات المتحدة حاملات طائرات ومدمرات ومنظومات دفاعية متقدمة، استمر الحصار، مع تنفيذ الحوثيين أكثر من 190 هجومًا بحريًا.
الحصار الجوي: تطور نوعي في التهديد
في 4 مايو 2025، أطلق الحوثيون صاروخًا فرط صوتي على مطار بن غوريون، فأصاب محيط تيرمنال 3:
- إصابة 8 أشخاص.
- تعليق عشرات الرحلات الدولية.
- ارتباك في الملاحة الجوية.
أعلنت الجماعة أنها ستواصل استهداف المطارات والمنشآت الجوية، ودعت شركات الطيران العالمية إلى وقف رحلاتها. وصرّحت أن الحصار الجوي سيكون أكثر إيلامًا من البحري.
إسرائيل تفقد الردع الذي كانت تفاخر به
إسرائيل، التي لطالما قدمت نفسها كأقوى قوة في الشرق الأوسط، فقدت القدرة على منع الجماعات غير الدول من ضرب عمقها. الردع الذي تباهت به لعقود انهار فعليًا أمام صواريخ الحوثيين.
إسرائيل تقاتل على جبهات متعددة في وقت واحد، وتعيش حالة:
- هشاشة داخلية.
- استنزاف اقتصادي.
- تآكل الثقة بالجيش والحكومة.
الضرر الاقتصادي منذ اندلاع الحرب وحتى عام 2025: من الانكماش إلى التهديد البنيوي
منذ اندلاع الحرب في أكتوبر 2023، دخل الاقتصاد الإسرائيلي في دوامة من الخسائر المتصاعدة:
2023–2024:
- خسائر تجاوزت 125 مليار شيكل (34.09 مليار دولار).
- عجز الميزانية 6.9% من الناتج المحلي.
- انكماش بنسبة 20% في أواخر 2023.
- تراجع الاستثمار، السياحة، والصادرات، وانسحاب شركات تكنولوجيا كبرى.
2025:
- انكماش إضافي بنسبة 2.4% في الربع الأول.
- تراجع الشيكل بـ12% وارتفاع الفائدة إلى 5.75%.
- تكلفة الحرب بلغت 11 مليار دولار في 4 أشهر فقط.
- هروب الشركات الناشئة وتراجع الاستثمار الأجنبي بـ35%.
- 64% من المواطنين يرون الوضع “سيئًا جدًا”.
باتت إسرائيل تواجه تهديدًا هيكليًا طويل الأمد لمكانتها الاقتصادية.
تراجع غير مسبوق في الدعم الغربي
إلى جانب ذلك، بدأ التراجع في الدعم الأمريكي والغربي يطفو على السطح:
- نتنياهو عبّر عن خيبة أمله من دونالد ترامب: “لم ينفذ وعوده كما توقّعنا”.
- أمريكا بدأت تفكر بـ”حل واقعي” يضبط طموحات تل أبيب دون التورط في حرب إقليمية واسعة.
- الغطاء السياسي والعسكري لم يعد مطلقًا كما كان.
تصدّع الجبهة الداخلية وهجرة عكسية غير مسبوقة
إسرائيل لم تعد موحدة داخليًا:
- احتجاجات ضد استمرار الحرب.
- امتناع وحدات نخبوية عن الخدمة.
- أكثر من 82,700 إسرائيلي غادروا البلاد في 2024.
- هجرة أدمغة: 70% من العلماء في الخارج لا ينوون العودة.
- شركات ومهنيون يغادرون بلا رجعة.
الانقسام الداخلي يعمّق هشاشة الجبهة الداخلية، ويضعف قدرة الدولة على الصمود.
ماذا لو نفذت إسرائيل تهديدها بضرب إيران؟
في ظل التصعيد المتسارع، عاد الحديث عن احتمال ضرب إسرائيل لمنشآت نووية أو عسكرية داخل إيران، لا سيما بعد تصريحات رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو المتكررة بأن “إيران هي الرأس ويجب قطع الرأس“.
لكن هذا السيناريو لا يمر دون حسابات كارثية.
إيران أعلنت رسميًا أنها جاهزة للرد المباشر، ولم تعد تلتزم برد محدود على إسرائيل فقط، بل توعّدت بأنها في حال استُهدفت، فإنها ستضرب أيضًا كل القواعد العسكرية الأمريكية في المنطقة.
هذا التهديد يعكس تحولًا استراتيجيًا: فالمعركة لم تعد مجرد مواجهة بين طهران وتل أبيب، بل تهدد بأن تتحول إلى حرب إقليمية مفتوحة تشمل دول الخليج والعراق وسوريا ولبنان واليمن.
تحذير خليجي وعربي مرتقب
مع قرب زيارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب إلى عدة دول خليجية خلال الأسابيع المقبلة، تشير مصادر سياسية إلى أن دول الشرق الأوسط ستوجه له رسالة واضحة:
“لن نقبل أن نُجرّ إلى حرب إقليمية بسبب مغامرة إسرائيلية، ولن نكون ساحة لتصفية الحسابات بين طهران وتل أبيب بدعم أمريكي.”
يتوقع أن تدعو الدول العربية إلى ضبط النفس، وعدم الانجرار نحو مواجهة إقليمية قد تتجاوز قدرتها على التحكم بنتائجها، وقد تهدد استقرار الخليج وممرات الطاقة العالمية.
: إسرائيل تُحاصر من الخارج وتتفتت من الداخل
- موانئ محاصرة.
- مطارات مستهدفة.
- اقتصاد ينزف.
- دعم غربي يتراجع.
- جبهة داخلية تتفكك.
إسرائيل التي كانت تُحسب القوة الأولى في المنطقة، أصبحت اليوم رهينة التحولات الإقليمية، مكشوفة من دون الدعم الأمريكي، ومهددة من أذرع إيران فقط، فكيف إذا قررت إيران أن تدخل المواجهة بنفسها؟
📌 اقرأ المزيد على الرابط :https://www.elhodh.info/