وكالة الحوض للأنباء – قسم الشؤون السياسية -//- ✍
بعد قرابة أربعة أشهر من المشاورات المكثفة، أصدر منسق الحوار الوطني الشامل في موريتانيا، السيد موسى فال، وثيقةً تأطيرية توصف بأنها تمثل خارطة طريق أولية لعملية الحوار المرتقب، الذي يهدف إلى معالجة جملة من الملفات السياسية والاجتماعية الشائكة، وتعزيز الاستقرار الداخلي عبر توافق وطني واسع.
الوثيقة، التي جاءت في ثلاث صفحات فقط، هي خلاصة لقاءات موسعة أجراها المنسق مع أحزاب وتشكيلات سياسية، ونقابات، ومنظمات من المجتمع المدني، وُصفت من طرف معدّيها بأنها منهجية تأسيسية تهدف إلى كسب الثقة، وطمأنة الأطراف المترددة التي ما زالت ترى في الحوار خطرًا لتكرار “تجارب فاشلة سابقة”، على حد تعبير بعض المعارضين.
نحو حوار بضمانات
الوثيقة تطرقت بشكل صريح إلى الحاجة لضمانات سياسية وتنفيذية، واقترحت، استنادًا إلى مساهمات الفاعلين السياسيين والمدنيين، اعتماد خارطة طريق توافقية تشمل:
- التزامًا علنيًا من رئيس الجمهورية والحكومة بتنفيذ جميع التوصيات المتوافق عليها.
- مصادقة رسمية من جميع الأطراف المشاركة، بحيث تصبح هذه التوصيات ملزمة وغير قابلة للتجزئة.
- توقيع “إعلان تفاهم وطني” يلتزم فيه المشاركون صراحة بتنفيذ ما تم الاتفاق عليه.
- إنشاء آلية أو مؤسسة وطنية مستقلة تُعنى بمتابعة تنفيذ مخرجات الحوار.
- إعداد جدول زمني دقيق وملزم يشمل الإجراءات القانونية والتنظيمية والبرمجية اللازمة لضمان جدية التنفيذ.
تحفظات وانتقادات
ورغم أهمية ما تضمنته الوثيقة، إلا أنها لم تمر دون جدل سياسي. فقد وجهت أطراف من المعارضة انتقادات قوية إلى طريقة طرح الوثيقة، معتبرة أن نشرها دون تشاور مسبق أو أخذ ملاحظاتها بعين الاعتبار يمثل “تجاوزًا غير مقبول” يهدد مبدأ التشاركية الذي يُفترض أن يؤسس له هذا الحوار.
كما أكدت بعض القوى السياسية أن أي حوار وطني لا يمكن أن ينجح دون بناء الثقة أولًا، عبر إشراك حقيقي لكل الفاعلين، وضمان أن لا تكون مخرجاته مجرد توصيات عابرة تضاف إلى سجل الحوارات السابقة دون تنفيذ.
اختبار جديد للمناخ السياسي
ويُنظر إلى الوثيقة الصادرة عن موسى فال باعتبارها اختبارًا جديًا لنوايا النظام السياسي الحالي، ومدى استعداده للانخراط في مسار تشاركي فعلي، لا يقتصر على الشكل بل يمتد إلى الجوهر والممارسة.
وفي حال تمكنت الأطراف من التوافق على مضمون الوثيقة وتعديل ما يلزم منها، فقد يشكل الحوار الوطني المرتقب فرصة نادرة لإعادة ترميم الثقة بين النظام والمعارضة، ووضع أسس إصلاحات جوهرية تهم الحريات، والمؤسسات، والعدالة الاجتماعية.
أما إذا استمرت الخلافات حول الشكل والمضمون، فقد تنزلق المبادرة إلى مربع الشكوك والتجاذبات، ما قد يقوّض فرص انطلاق حوار شامل فعلي في المدى القريب.
📌 اقرأ المزيد على الرابط :https://www.elhodh.info/