:افتتاحية وكالة الحوض للأنباء
في خطوة أثارت جدلًا واسعًا داخل الأوساط السياسية والإعلامية الأمريكية، خرج الصحفي المعروف توكر كارلسون بتصريحات نارية حذّر فيها من أن اندلاع حرب أمريكية مع إيران قد يؤدي إلى انهيار الإمبراطورية الأمريكية كما نعرفها. هذه التصريحات لم تأتِ في فراغ، بل جاءت مدعومة بموجة من التأييد داخل تيار المحافظين الانعزاليين المعروف باسم “أمريكا أولاً”، في وقت تصاعد فيه الحديث عن مواجهة عسكرية مفتوحة في الشرق الأوسط.
“إيران ليست وحدها… الحرب تعني الانهيار”
قال كارلسون، في مقابلة إعلامية أثارت تفاعلاً واسعًا، إن أي تورط أمريكي مباشر في مواجهة عسكرية مع إيران سيضع النظام الأمريكي على “شفا الانهيار الكامل”، محذرًا من أن الولايات المتحدة “غير مستعدة إداريًا ولا لوجستيًا” لمثل هذا النزاع. وأضاف أن أي تصعيد سيؤدي إلى ما يشبه “حرب عالمية” جديدة بسبب تشابك التحالفات الإقليمية والدولية، في وقت تعاني فيه واشنطن من انقسامات سياسية داخلية وأزمات اقتصادية خانقة.
ترامب في مرمى النقد: “شريك في التصعيد“
لم يوفر كارلسون الرئيس دونالد ترامب من سهام نقده، حيث اتهمه بالتواطؤ في تسليح إسرائيل قبل ضربات وجهتها الأخيرة لإيران، وهو ما وصفه بأنه “خيانة لمبادئ أمريكا أولاً”، مؤكداً أن مثل هذه السياسات قد تفقد الولايات المتحدة ما تبقى من رصيدها الأخلاقي والسياسي أمام العالم، وتدفع بها نحو مغامرات عسكرية لا طائل منها.
أصوات داعمة: “لسنا مستعدين لمزيد من الحروب الغبية”
لم يكن كارلسون وحيدًا في موقفه، إذ انضمت إليه شخصيات بارزة داخل الحركة اليمينية القومية. فقد صرّحت مارجوري تايلور غرين، النائبة المثيرة للجدل، أن “أي حرب ضد إيران ستكون قذرة، ومخالفة لمبادئ أمريكا السيادية”، فيما أكد كل من ستيف بانون ونيك سورتر والنائب رو خانا دعمهم الكامل لموقف كارلسون، مشيرين إلى أن “الحرب مع إيران ستكون خسارة شاملة، عسكرية وسياسية واجتماعية”.
انقسام داخل اليمين الأمريكي
تبرز هذه المواقف انقسامًا حادًا داخل معسكر اليمين الأمريكي، بين ما يُعرف بـ”الصقور” المؤيدين للتدخل العسكري مثل السيناتور ليندسي غراهام وبعض قيادات الحزب الجمهوري، وبين التيار الانعزالي الذي يمثله كارلسون وحلفاؤه، والذي يرفض تكرار سيناريوهات العراق وأفغانستان، ويرى أن الجيش الأمريكي لم يعد الأداة المناسبة لحسم الصراعات الخارجية، بل أصبح عبئًا ماليًا واستراتيجيًا في نظام عالمي متعدد الأقطاب.
تحذير استراتيجي أم تهويل إعلامي؟
بين من يعتبر تصريحات كارلسون تحذيرًا استباقيًا نابعًا من واقعية استراتيجية، ومن يراها محض تهويل إعلامي شعبوي، تبقى الرسالة واضحة: هناك اتجاه متنامٍ داخل المجتمع السياسي الأمريكي يرفض الحروب الاستباقية والتدخلات الخارجية، ويرى أن الحفاظ على الإمبراطورية الأمريكية لا يمر عبر إطلاق الصواريخ، بل عبر إصلاح الداخل، وتجنب المغامرات المكلفة.
تحوّل خطاب كارلسون من كونه مجرد نقد إعلامي إلى حالة فكرية داخل اليمين الأمريكي، تعكس تصدعًا في الإجماع التقليدي على الدور العالمي لأمريكا كشرطي العالم. وبينما تتجه المنطقة نحو تصعيد محتمل، يبدو أن المعركة داخل أمريكا ذاتها لا تقل أهمية عن المعارك التي قد تُخاض خارج حدودها.
📌 اقرأ المزيد على الرابط :https://www.elhodh.info/