تحديات توطين المهاجرين في الدول النامية: دروس من تونس

الرئيس قيس سعيّد وسياسة تونس تجاه المهاجرين
Image

https://youtu.be/j0jcy4BgNFE

في ظل المشهد العالمي المعاصر، تبرز مسألة توطين المهاجرين كإحدى القضايا الشائكة التي تواجه العديد من الدول، ولا سيما تلك النامية. الضغوط المتزايدة من الدول الغربية على دول أفريقيا لتوطين المهاجرين، مقابل المغريات المادية، تطرح تحديات جمّة ومخاطر عدة يجب النظر فيها بعناية. وفي هذا السياق، يأتي تصريح الرئيس التونسي قيس سعيّد ليسلط الضوء على موقف حازم وواضح، حيث أكد قائلاً: “تونس لا يمكن أن تكون بلدًا لتوطين المهاجرين”. هذا التصريح يعكس موقفًا جادًا يحمل في طياته العديد من الأبعاد السياسية والاجتماعية والاقتصادية.

 

التحديات الاقتصادية

تواجه الدول النامية، بما فيها تونس، تحديات اقتصادية معقدة تحول دون قدرتها على توطين المهاجرين بفعالية. البنية التحتية المحدودة والموارد الشحيحة والبطالة المرتفعة كلها عوامل تزيد من صعوبة إدماج المهاجرين في المجتمع والاقتصاد. الضغط على الخدمات العامة والموارد الطبيعية قد يؤدي إلى تفاقم الأوضاع الاقتصادية الهشة أصلاً.

 

المخاطر الاجتماعية والأمنية

توطين المهاجرين في دولة بالأوضاع الاقتصادية والاجتماعية الراهنة لتونس قد يفاقم من التحديات الاجتماعية ويسهم في زيادة التوترات والانقسامات داخل المجتمع. هذا بالإضافة إلى المخاطر الأمنية المتعلقة بالهجرة غير النظامية والتهريب والاتجار بالبشر، مما يتطلب جهودًا أمنية وإدارية كبيرة.

 

السيادة والتبعية

المغريات المادية التي تقدمها الدول الغربية لتوطين المهاجرين يمكن أن تؤدي إلى نوع من التبعية الاقتصادية والسياسية. يظهر تصريح الرئيس قيس سعيّد وعيًا بأهمية السيادة الوطنية والحفاظ على القدرة على اتخاذ قرارات مستقلة تصب في مصلحة الشعب التونسي.

 

البدائل والحلول

من الضروري التركيز على بناء استراتيجيات تنموية شاملة تعالج جذور مشكلة الهجرة وتوفر حلولاً مستدامة تتجاوز مجرد توطين المهاجرين. يشمل ذلك تعزيز التعاون الدولي لتحسين الأوضاع في الدول المصدرة للهجرة من خلال دعم الاقتصادات المحلية، تحسين النظم التعليمية والصحية، وتعزيز الحكم الرشيد. كما يتطلب الأمر التركيز على برامج التنمية المحلية التي تعالج الفقر، البطالة، وتحسين ظروف المعيشة للسكان المحليين، مما يقلل من الحاجة إلى الهجرة ويجعل توطين المهاجرين في الدول النامية خياراً أقل إلحاحاً.

 

إن موقف الرئيس قيس سعيّد يدعو إلى ضرورة إعادة التفكير في سياسات الهجرة وتوطين المهاجرين، مع التأكيد على أهمية احترام سيادة الدول وقدرتها على اتخاذ قرارات مستقلة تتوافق مع مصالح شعوبها وظروفها الخاصة. يجب أن تكون هذه السياسات نتيجة للحوار والتعاون الدولي، وليس نتيجة للضغوط الخارجية أو المغريات المادية.

 

في نهاية المطاف، تحتاج الدول النامية إلى دعم دولي يتجاوز المساعدات المالية القصيرة الأجل، إلى شراكات تنموية طويلة الأجل تعزز من قدراتها على التنمية المستدامة وتحسين جودة حياة مواطنيها. فقط من خلال مثل هذه الجهود المتكاملة يمكن معالجة تحديات الهجرة وتوطين المهاجرين بطريقة تحترم كرامة الإنسان وتسهم في استقرار ورفاهية المجتمعات على الصعيد العالمي.

بقلم المهندس الحاج سيدي ابراهيم سيدي يحي

 

 

 

 

 

 

 

 


شائع

اترك تعليقك